تراجع فرص العمل 30%.. الاقتصاد الرقمي الإيراني يترنّح

تراجع فرص العمل 30%.. الاقتصاد الرقمي الإيراني يترنّح
الاقتصاد الرقمي - أرشيف

لم يكن وقع الحرب الأخيرة على إيران عسكرياً فحسب، بل امتد ليُصيب قلب الاقتصاد الرقمي في البلاد، ويُفاقم من معاناة ملايين الإيرانيين الذين يعتمدون على الإنترنت في معيشتهم. 

وخلال 12 يوماً فقط من الانقطاعات المتعمدة وقيود الاتصال التي فرضتها السلطات الأمنية، تكبّد القطاع الرقمي خسائر قُدرت بآلاف المليارات، وتعرضت البنية التحتية السيبرانية لعشرات آلاف الهجمات، فيما تُرك المواطن محاصراً بين رقابة السلطة وهشاشة التكنولوجيا المحلية، بحسب ما ذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال”، اليوم الأربعاء.

وفي مشهدٍ يتكرر مع كل أزمة، تُلقى المسؤوليات بين الوزارات والمؤسسات الأمنية، بينما يواصل الإيرانيون -خاصة الشباب- دفع ثمن الحرب على حرية الإنترنت بأرزاقهم وحقوقهم الأساسية.

خسائر بالمليارات.. من يدفع الثمن؟

في جلسة برلمانية مشحونة بتاريخ 22 يوليو، أعلن وزير الاتصالات الإيراني ستار هاشمي أرقاماً صادمة عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الرقمي خلال الحرب. 

وأكد أن أكثر من 10 ملايين مواطن إيراني يعتمدون على هذا القطاع لكسب الرزق، وقد تراجع النشاط بنسبة 30% في أقل من أسبوعين.

وفقاً له، خسر الاقتصاد الرقمي ما يعادل 15 ألف مليار تومان في شهر واحد فقط -وهو رقم يعادل الميزانية السنوية لبعض الوزارات- نتيجة القيود المفروضة على الإنترنت، إلا أن الوزير تنصّل من مسؤولية اتخاذ القرار، ملقياً باللوم على الجهات الأمنية والاستخباراتية.

مشروع الإنترنت الوطني 

في مواجهة الأزمة، روّجت الحكومة لما تسميه “الإنترنت الوطني” مشروعاً لحماية الأمن السيبراني، لكنها عملياً فرضت مزيداً من العزلة الرقمية. 

وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، إن "الحرب تُدار عبر الإنترنت"، وهو ما برر -وفق تعبيرها- ضرورة الانتقال إلى الشبكة الوطنية.

لكن بالنسبة لملايين الإيرانيين، مثّل هذا الانتقال قطيعةً مع فرص العمل، وانقطاعاً عن العالم الخارجي، وتعزيزاً لسياسات الرقابة والمراقبة. ووصف ناشطون الأمر بأنه خطوة أخرى نحو "الإنترنت الطبقي"، حيث يُتاح الاتصال الحر فقط للمسؤولين وأصحاب النفوذ.

اختناق إلكتروني وهجمات منظمة

بالتوازي مع تقييد الإنترنت، أعلنت وزارة الاتصالات عن أكثر من 20 ألف هجوم سيبراني استهدف البلاد خلال فترة الحرب. وقال الوزير إن أغلب الهجمات كانت تهدف إلى تعطيل الخدمات العامة والمنصات المالية، وربطها بتحركات "العدو الميدانية".

لكن هذا لم يمنع انهيار النظام المصرفي. فقد تعطّلت خدمات الإنترنت البنكي في بنوك كبرى مثل "سبه" و"ملت"، وأعلنت مجموعات هاكرز مثل "كنجشك درنده" و"تبندكان" عن تنفيذ هجمات كشفت بيانات ملايين الحسابات، وأوقعت النظام في حالة من الارتباك الرقمي غير المسبوق.

وفي 19 يوليو، واجهت أجهزة الدفع الإلكتروني في البلاد خللاً شاملاً، ما عطّل الأنشطة التجارية اليومية، وأصاب المواطنين بحالة من الفوضى في المعاملات المالية.

من يملك الإنترنت؟

تُطرح الآن في إيران تساؤلات غير مسبوقة حول "الإنترنت الطبقي"، وهو مصطلح يُشير إلى تخصيص سرعات وأدوات اتصال أفضل لأشخاص محددين -كالمسؤولين والصحفيين التابعين للسلطة-، في حين يُجبر بقية المواطنين على الاتصال عبر شبكات خاضعة للرقابة الشديدة والتقطيع المتواصل.

وطالب النائب سلمان إسحاقي بكشف أسماء المستفيدين من الإنترنت غير الخاضع للقيود، داعياً إلى الشفافية في "تمييز الاتصال"، في وقت يواجه فيه المواطن العادي صعوبات بالغة حتى في تصفح المواقع الضرورية للعمل أو التعليم.

"حرية الإنترنت" في مهب الريح

صنّفت منظمة "بيت الحرية" إيران ثالث أكثر دولة في العالم من حيث القيود على الإنترنت نهاية عام 2024، وهي مرتبة لم تفاجئ الناشطين الرقميين الذين يواجهون خطر السجن أو الرقابة المشددة.

وفي ظل الحظر المتواصل، تجاوز عدد مستخدمي "ستارلينك" في إيران 100 ألف مستخدم حتى مطلع 2025، ما دفع الحكومة لتقديم شكوى ضد شركة "سبيس إكس"، في محاولة جديدة للحد من البدائل التقنية خارج سيطرة الدولة.

لكن البدائل الرسمية -من منصات محلية وخدمات مدارة من الدولة- لم تُثبت جدارتها. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية